نعم، وقل في عذاب القبر حق موضح. يعني: وقل إن عذاب القبر حق. وتقدم كذلك القول فيه، ونعيم القبر، فيجب الإيمان بفتنة القبر وعذاب القبر ونعيم القبر، ولأهل العلم في كتب العقائد الجامعة، وفي مؤلفات خاصة عن هذه الأمور، بحوث واسعة ومفصلة بأدلة مبسوطة كثيرة، الكلام في عذاب القبر، ومن ذلك كتاب "الروح" لابن القيم، فإنه ذكر مسائل كثيرة تتعلق بفتنة القبر، وعذاب القبر، ونعيم القبر، مثل: هل عذاب القبر ينقطع؟ يقول: نعم، يمكن أن يكون عذاب القبر ينقطع، مثل: عذاب بعض العصاة؛ لأنه يمكن أن تكون معصيته لا تستوجب استمرار العذاب عليه، هذا مما ذكره ابن القيم، أما عذاب الكافر في القبر فإنه لا ينقطع، وكل هذا من الإيمان بالقبر.
فأحوال القبور مستورة عن البشر مع قربها منها، اذهب وافتح القبر بعد كذا وكذا لا تجد شيئا، ولا يظهر لك شيئا، ولهذا مذهب الزنادقة والذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ينكرون هذا لأنهم لا يحسونه ولا يشاهدونه، وهذا يقتضي أن ينكروا كل الغيوب كل المغيبات، كل ما أخبر الله به ورسوله من أمر الغيب، والإيمان المحمود والإيمان الذي أثنى الله على أهله هو الإيمان بالغيب هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ
أما الشهادة فليس فيها يعني مزيد فضل، الأمر المشاهد، فالله لم يوجب على العباد أن يؤمنوا به بالشمس، وبالجبال والبحار وبالسماء؛ لأنها أمور مشاهدة، إنما أمر القبر أوجب عليهم أن يؤمنوا بما أخبر به في كتابه، وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- من الغيوب، تصديقا، يؤمنون بها تصديقا لخبره وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم.