كارل فون فايتسيكر- من عالم فيزياء نووية إلى ناشط سلام عالمي

كارل فون فايتسيكر- من عالم فيزياء نووية إلى ناشط سلام عالمي

كارل فون فايتسيكر: العلم والفلسفة في خدمة السلام
Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: كارل فون فايتسيكر: العلم والفلسفة في خدمة السلام
لم يكن كارل فون فايتسيكر فيزيائيا مبرزا فحسب، بل فيلسوفا متعمقا في شؤون الكون والحياة. اشتهر آخر المفكرين الألمان العظام في عصرنا كما يسميه الكثيرون بنشاطه من أجل السلام، كما كان أحد الموقعين على "إعلان جوتينجن" الشهير.






توفي يوم السبت الماضي عالم الفيزياء والفيلسوف الألماني الشهير كارل فردريش فون فايتسيكر في بلدة شتارنبيرج بولاية بافاريا عن عمر يناهز 94 عاما. اشتهر فون فايتسيكر بأنه كان من دعاة السلام البارزين، حيث انصب اهتمامه الرئيس على أنشطة تركز على تفادي اندلاع الحروب في فترة المواجهة بين الشرق والغرب في أعقاب الحرب العالمية الثانية.



الجدير بالذكر أن عالم الفيزياء الشهير والفيلسوف الكبير فون فايتسيكر الذي بدأت مواهبه العلمية تتجلى وهو مازال تلميذا في المدرسة كان قد تتلمذ على يد علماء مشهورين ورافق فلاسفة عظام، الأمر الذي انعكس في شخصيته كعالم وفيلسوف. عمل مدرسا في برلين وأستاذا للفيزياء في جامعتي شتراسبورج و جوتينجن ثم أستاذا للفلسفة في هامبورج. وحصل على اعتراف دولي كعالم في الفيزياء النووية، كما عمل مديرا لمعهد ماكس بلانك في شتارنبيرج.





"إعلان جوتينجن" الشهير



فون فايتسيكر مع اثنين من زملائه الذين وقعوا وثيقة Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: فون فايتسيكر مع اثنين من زملائه الذين وقعوا وثيقة "إعلان جوتينجن"

وبصفته عالم ذرة كان فون فايتسيكر على صلة وثيقة ببرنامج ألمانيا النووي قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية، بالرغم من أن دوره الفعلي أمر يخضع للنقاش في رأي الكثيرين. وعن مشاركته في برنامج اليورانيوم أثناء الحرب العالمية الثانية قال فايتسيكر فيما بعد بأن الامر كان "رحمة من الله أن بناء القنبلة النووية الألمانية لم يتحقق لأسباب تقنية، مبررا مساهمته في المشروع في رغبته آنذاك في لعب دور مؤثر في السياسة، مشيرا إلى أنه كان من الممكن أن تكون كارثة فيما لو نجحت الفكرة وخرجت الى حيز التنفيذ".



وكانت وجهة نظر فايتسيكر أن العلماء يتحملون المسؤولية عن اكتشافاتهم حتى إذا لم يكن بالإمكان التأكد من العواقب دائما. في هذا الصدد قال الفيزيائي الألماني بأن مثل هذه الأسلحة من شأنها أن تقود إلى تدمير البشرية، مشيرا إلى ضرورة لجم الحروب والمؤسسات التي تدق طبولها. لذلك فقد نشط منذ عام 1957 ضد مخطط تسلح الجيش الاتحادي الالماني بالأسلحة النووية وضد تحول ألمانيا إلى دولة نووية.



تجدر الإشارة هنا إلى أن فايتسيكر كان ضمن 18 عالما نوويا ألمانيا أطلق عليها "مجموعة جوتنيجن 18" والتي وقعت عام 1957 على ما عُرف بـ "إعلان جوتينجن" ضد خطط المستشار الألماني آنذاك كونراد اديناور ووزير دفاعه فرانس يوزيف شتراوس التي كانت تهدف إلى تسليح الجيش الألماني بالسلاح النووي، حيث كانت وثيقة العلماء تدعو إلى عدم مشاركة ألمانيا في تصنيع او اختبار أو استخدام هذا النوع من الأسلحة بشكل أو بآخر.



سياسي رفض تقلد أرفع المناصب السياسية



كارل فون فايتسيكر يرى بأنه على العالم مسؤولية أخلاقيةBildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: كارل فون فايتسيكر يرى بأنه على العالم مسؤولية أخلاقية

رفض كارل فردريتش فون فايتسيكر المناصب السياسية التي عرضت عليه وظل مخلصا لعلمه وفلسفته بعيدا عن ممارسة السياسة بمعناها الوظيفي. فقد عُرض عليه مرتين تقلد أعلى منصب شرفي في جمهورية ألمانيا، وهو منصب رئيس الدولة، لكنه اعتذر عن هذا المنصب الذي تولاه فيما بعد أخوه الأصغر منه، ريتشارد فون فايتسيكر من عام 1984 حتى 1994م. لكن الفيزيائي والفيلسوف كارل فون فايتسيكر لم ينف علاقة العلم بالسياسة، بل كان على قناعة تامة بأن للعلم مسؤولية سياسية ينبغي عدم تجاهلها او إنكارها. في هذا الصدد قال: "لا يستطيع المرء في عصرنا الحالي أن يشتغل في مجال الفيزياء التي ينتج منها الطاقة الذرية والقنابل نووية ثم يقول لا علاقة لي بذلك".